إعلام "العدل والإحسان" في الميزان .. بين الحصار والانحسار

الثلاثاء 21 يناير 2014 - 23:10
قد لا يختلف اثنان بخصوص قوة حضور جماعة العدل والإحسان داخل المشهد
السياسي بالمغرب، كما أن الكثيرين يعتبرون "الجماعة" أقوى التنظيمات
الإسلامية بالبلاد منذ سنوات خلت، حيث عُرفت بمتانة ودقة بنائها الهيكلي،
فضلا عن "الانضباط" الذي اشتهر به أعضاء الجماعة لقرارات التنظيم.ويرى مراقبون أن جماعة بهذه القوة والجرأة السياسية التي تتسم بها، ما جر عليها قوالب من المتابعات والمضايقات الأمنية، يُفترض أن يكون خلفها آلة إعلامية لا تهدا أبدا، تخطط وتدعم خطط الجماعة وبرامجها في السياسة والدعوة، غير أن الملاحظ أن الجماعة بكل ما لديها من حضور وازن لا تمتلك وسائل إعلام بنفس توهجها وصلابة شكيمتها.
هذا المعطى تعزوه "الجماعة" أساسا إلى كتم الدولة لأنفاسها، وإقبارها لكل صوت أو منبر إعلامي تصدره، فيما يرى مناوئو الجماعة أن الصوت الإعلامي لهذه الأخيرة خفت أكثر بوفاة زعيمها ومؤسسها الشيخ الراحل عبد السلام ياسين، باعتبار أن الجماعة كانت تتماهى مع الزعيم.
أمكاسو: التضييق على الصوت الإعلامي للجماعة
الدكتور عمر أمكاسو، مسؤول مكتب اﻹعلام لجماعة العدل واﻹحسان، يرى أنه "لا يمكن تقييم حقيقة ودرجة قوة اﻹعلام في غياب الحرية والحق في التعبير، فقد ارتبط الاثنان بشكل كبير، حتى صار كل منها يوظف في التقارير الدولية كمؤشر لقياس الآخر في جميع المجتمعات".
وأوضح أمكاسو، في تصريحات لهسبريس، أن هذا يتضح جليا من تجارب عدد من الإعلاميين المغاربة الذين تألقوا بشكل ملفت خارج الوطن بمجرد تحررهم من القيود التي يفرضها النظام المغربي على المؤسسات الإعلامية عموما، والرسمية على وجه الخصوص.
وأفاد القيادي ذاته أن جماعة العدل والإحسان عانت من شتى أنواع القيود والحصار الذي ضرب على إعلامها منذ تأسيسها إلى الآن، حيث تعرضت منابرها الإعلامية للمنع من الطباعة، وإذا طبعت تمنع من التوزيع، وأحيانا يتم حجز ومصادرة أعداد من جرائدها الموقوفة، كما تعرضت مواقعها الإلكترونية للحجب أكثر من مرة".
وأشار أمكاسو إلى أن "هذه الممارسات امتدت منذ سنة 1983 حين تم توقيف جريدة "الصبح" في عددها الثاني، وجريدة "الخطاب" سنة 1984، ثم توقيف مجلة "الجماعة" سنة 1985 في عددها السادس عشر، إلى إسكات جريدتي "العدل والإحسان"، و "رسالة الفتوة" سنة2001.
واسترسل المتحدث "تم تهديد جميع المطابع التي كانت تطبع هاتين الجريدتين، وتم الهجوم ليلا على إحدى المطابع التي تجرأت على طبع جريدة "رسالة الفتوة" بتقنية الأوف سات، وتم سرقة كل محتوياتها، كما تم حجب مواقع الجماعة سنوات 2000 و2006 و2009.
وخلص أمكاسو إلى أن كل ذلك "يعكس إصرار المخزن في نسختيه القديمة والجديدة على كتم صوت العدل والإحسان الإعلامي، ورقيا كان أو إلكترونيا، ومنع خطابها ورأيها أن يصل إلى الناس"، قبل أن يستدرك بأنه "رغم ذلك استطاعت الجماعة أن تكسر جزءا من هذا الحصار بإمكانياتها المحدودة وحيوية أعضائها".
الكحل: الجماعة تعاني من الانحسار الذاتي
وبالمقابل ذهب الباحث في الجماعات الإسلامية، سعيد الكحل، إلى أن "الضعف لا ينحصر فقط في الجانب الإعلامي لجماعة العدل والإحسان، بل ينسحب على كل المجالات التي دأبت الجماعة على استغلالها لتأكيد حضورها وتصريف مواقفها".
وأبرز الكحل، في تصريحات لهسبريس، أن وفاة الشيخ ياسين رحمه الله تركت فراغا على كل المستويات، فالشيخ كان يفكر في "الجماعة"، ويفكر بها، ومن خلالها، كما كان يعيش للجماعة قدر ما كانت تعيش به، مضيفا أن "هذا الفراغ أمر طبيعي في كل التنظيمات التي تتماهى مع الزعامات حيث يكون الزعيم هو التنظيم".
وأفاد الباحث أن "ميزة الشيخ ياسين أنه ذو رؤية إستراتيجية، ويهتم بصغائر الأمور كما بكبيرها، إذ كان هو المرجع والملهِم للجماعة وأعضائها ومؤسساتها"، مشيرا إلى أن "عددا من الفضائيات فتحت للشيخ منابرها، لكنه كان شديد الحرص على الظهور بالقدر الذي يخدم الجماعة".
وتابع المتحدث أنه "بغياب ياسين تعيش الجماعة ارتباكا ملحوظا على مستوى المبادرات والحضور السياسي والإعلامي"، لافتا إلى أنه "كي تخرج الجماعة من حالة الانحصار الذاتي، ليس أمامها سوى بناء مؤسسات الجماعة على أسس مغايرة تضمن لأعضائها حرية المبادرة وهامشا واسعا من الحرية".
وأكمل الباحث أن "هذا التوجه قد لا يخدم الجناح المحافظ في الجماعة، لكنه ضروري لضمان الحضور الإعلامي والسياسي للجماعة، علما أن حرية المبادرة ستقود إلى المراجعة التدريجية والجذرية لمواقف الجماعة ومبادئها وإستراتيجيتها، وهذا ما يخشاه التيار المحافظ الذي سيجد نفسه عاجزا عن مجاراة التغيرات واستيعاب النفس التغييري لشباب الجماعة" وفق تعبير الكحل
0 التعليقات:
إرسال تعليق